جابر بن حيان
يمكن إرجاع تطور الكيمياء في أوربا إلى جابر بن حيان بصورة مباشرة". وأكبر دليل على ذلك أن كثيراً من المصطلحات التي ابتكرها ما زالت مستعملة في مختلف اللغات الأوربية.
رائد الكيمياء جابر بن حيان
يعتبر جابر بن حيان مؤسس الكيمياء التجريبية. فقد كان أول من حصل على معلوماته من التجارب والملاحظة والاستنتاج العلمي.
كان لديه الكثير من الاكتشافات والأعمال لدرجة أن الكيمياء ارتبطت باسمه ، وكانوا يقولون “كيمياء جابر” و “الكيمياء لجابر” ، وكذلك “حرفة جابر”.
كما أطلق عليه لقب “سيد الكيميائيين” و “أبو الكيمياء” لأنه وضع أسس وقواعد تحضير المواد الكيميائية والتعامل معها .
وسنتناول الاجابة على أهم الأسئلة التي من خلال الاجابة عنها سنعرف المزيد من المعلومات الهامة عن هذا العالم الكبير .
1-من هو جابر بن حيان ؟
هو أبو موسى جابر بن حيان بن عبد الله الأزدي ويلقب أحياناً بالحراني والصوفي. وعرف عند الأوربيين في القرون الوسطى باسم Geber.
ولد جابر في طوس في اقليم خراسان في ايران حوالي 721، وقد أطلق على جابر العديد من الألقاب منها “الأستاذ الكبير” و”شيخ الكيميائيين المسلمين” و”أبو الكيمياء“.
وكان والده حيان الأزدي “العطار” (يبيع العقاقير أو صيدلي) من قبيلة الأزد اليمنية الذين كانوا يقيمون في مدينة الكوفة في العراق خلال حكم الأمويين.
دعم حيان الثورة العباسية ضد الأمويين وانتقل إلى إيران حيث ولد جابر. عادت الأسرة إلى اليمن بعد أن تم القبض على حيان وإعدامه من قبل الأمويين.
وفي اليمن درس جابر على يد أحد علماء الكيمياء العرب المجهولين ويدعى الحربي الحميري وقد نسب أليه جابر الكثير من الاسهامات في هذا المجال.
وبعد أن استتب الأمر للعباسيين عاد جابر إلى الكوفة مع أسرته. حيث تتلمذ على يد جعفر الصادق واطلع على مؤلفات ومصنفات الأمير الأموي خالد بن يزيد بن معاوية الذي برع في الكيمياء.
وبرع في هذا العلم ونبغ فيه وأصبح كيميائي القصر في عهد الخليفة هارون الرشيد، وكان يعمل طبيبا لوزرائه البرامكة.
وتوفي جابر على أرجح الأقوال في سن تناهز 94 عاما سنة 815 م في الكوفة.
وقد ترك مئات المؤلفات وبلغت شهرته الآفاق ليلقب فيما بعد بحق أبو الكيمياء وواضع الأسس لبداية للكيمياء الحديثة.
2-كيف تفوق جابر بن حيان في علم الكيمياء عمن سبقوه؟
بدأت الكيمياء كعلم خرافي يعتمد على الأساطير القديمة. سيطرت فكرة تحويل المعادن الرخيصة إلى معادن ثمينة على المشهد لأن العلماء قديما اعتقدوا أن المعادن مثل الذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص والقصدير و غيرها تعتبر من نفس النوع ، ولا تختلف إلا بسبب تأثير الحرارة أو البرد أو الجفاف أو الرطوبة عليها .
هذه كلها صفات قابلة للتغيير وفقًا لنظرية العناصر الأربعة (النار والهواء والماء والأرض) وبالتالي يمكن تغيير هذه العناصر إلى بعضها البعض بمساعدة عنصر ثالث ، الإكسير. وبناءً على هذا التصور تصور بعض العلماء من الحضارات التي سبقت الحضارة الإسلامية أنهم يستطيعون اختراع إكسير الحياة أو حجر الحكمة الذي يزيل نواقص الحياة ويطيل العمر.
تأثر بعض العلماء العرب والمسلمين الأوائل مثل جابر بن حيان وأبو بكر الرازي بنظرية العناصر الأربعة التي ورثها العلماء العرب والمسلمون عن اليونان. لكنهم درسوها بدقة مما دفعهم إلى اكتشاف المنهج العلمي التجريبي وتطبيقه في مجال العلوم التجريبية.
وكان جابر يقول عن هذه الطريقة التجريبية أن “شرط اتقان هذه الحرفة هو العمل والتجربة. من لا يعمل ولا يجرب لن يحقق شيئًا “.
وبذلك يعتبر جابر أول من أدخل التجارب المعملية العلمية في أسلوب البحث العلمي الذي أنشأه. كان يطلق على التجرب أحيانًا اسم “التدريب”. كان يقول: “من يتدرب جيداً هو عالم حقيقي ، ومن لم يتدرب جيداً ليس عالماً حقيقياً. من الأفضل أن تتدرب جيدًا في جميع الحرف ، والحرفي المدرب جيدًا يتفوق ومن لم يتم تدريبه جيدًا يفشل ”
3- ما الإجراءات التي اتبعها في أبحاثه والتي تكاد تكون متطابقة مع تلك المتبعة اليوم؟
(1) على الكيميائي أن يضع افتراضًا من خلال ملاحظاته ليشرح الظاهرة التي يريد شرحها.
(2)أن يستنبط استنتاجات مبنية نظرياً على افتراضاته
(3) إعادة هذه الاستنتاجات إلى الطبيعة ومعرفة ما إذا كانت ستدعم نتائجه الجديدة أم لا. إذا ثبت أنها صحيحة ، تتغير الفرضية إلى قانون علمي يمكن الاعتماد عليه في اكتشاف كيفية تفاعل الطبيعة في ظل ظروف معينة.
كان هليميار مهتمًا جدًا بأعمال جابر وطريقته العلمية وكتبه. كان حريصًا على إظهار القيمة العلمية لعمله ، وقال لاحقًا إن “الشيء المميز في جابر هو أنه أظهر وأصر على أهمية التجربة أكثر بكثير من جميع الكيميائيين الذين سبقوه “.
4- ما التجارب و الأساليب التي أستخدمها جابر بن حيان؟
أجرى جابر العديد من التجارب المعملية بعضها كان معروفا قبل عصره وبعضها تجارب جديدة. ومن بين الأساليب التي استخدمها التبخير ، والتقطير، والتبلور ، والتسامي ، والترشيح ، والذوبان ، والتكثيف ، والذوبان.ومن أهم أنجازاته ما يلي:
1- درس خصائص بعض العناصر بدقة فاكتشف مركب أيون الأمونيوم الفضي .
2-قام بإعداد العديد من المواد الكيميائية ، وكان أول من صنع حامض الكبريتيك من الشب بالتقطير .
3-قام بإعداد أكسيد الزئبق وحمض النيتريك الذي يعرف بالماء الفضي وكان يسميه ماء التحلل المائي أو ماء النار.
4-أعد حمض الهيدروكلوريك الذي يسمى روح الملح.
5-كان أول من اكتشف الصودا الكاوية.
6-كان أول من استعاد نترات الفضة التي سماها صخرة الجحيم.
7- أعد كلوريد الزئبق (السليماني)
8- أعد حمض النيتروهيدروكلوريك (الماء الملكي) الذي سمي بذلك لأنه يمكن أن يذيب الذهب ، ملك المعادن؛ حيث كان بذلك أول من فصل الذهب عن الفضة باستخدام حمض.
9-كان أول من لاحظ رواسب كلوريد الفضة عند إضافة ملح الطعام إلى نترات الفضة.
10- استخدم الشبة في صناعة الصبغات على القماش بشكل دائم.
11-أعد بعض المواد التي يمكن أن تكون الملابس مقاومة للماء ؛ هذه المواد عبارة عن
أملاح ألومنيوم مشتقة من أملاح عضوية تحتوي على جزيئات هيدروكربونية.
12-خلص إلى أن النار تضيف اللون الأزرق للنحاس ، بينما يضفي النحاس اللون الأخضر على النار.
13-شرح بالتفصيل طريقة تحضير الزرنيخ وتنقية المعادن وصبغ القماش.
14-كان أول من استخدم الميزان الحساس والأوزان الدقيقة للغاية في تجاربه المعملية.
15-كان هو من أعد كربونات البوتاسيوم وكربونات الصوديوم والرصاص القلوي والأنتيمون.
16- استخدم ثاني أكسيد المنجنيز لإزالة الألوان في صناعة الزجاج.
17-بلور أيضًا النظرية التي تنص على أن تفاعلًا كيميائيًا يتحقق من خلال توليفة بين ذرات العناصر المتفاعلة ، وقدم كمثال لذلك الزئبق والكبريت ، عندما يتحدان لتشكيل مادة جديدة.
5-أين كان جابر بن حيان يجري تجاربه ؟
كان يقوم بمعظم تجاربه في معمل خاص تم اكتشافه في أطلال مدينة الكوفة في نهاية القرن الثاني عشر الهجري (القرن الثامن عشر الميلادي) .
6-هل لجابر بن حيان مؤلفات وكتب في علم الكيمياء؟
كان لجابر العديد من الأعمال التي أثرت في الغرب ، ونسخوا من هذه الأعمال. قال ابن النديم إن لديه 306 كتابًا في الكيمياء في جميع أنحاء العالم كتبها بأسلوبه الخاص ، ورغم ضياع معظمها ، إلا أن ثمانين من هذه الكتب لا تزال محفوظة في مكتبات في الشرق والغرب. روبرت الشستري (539 هـ- 1144 م) ، جيرارد الكرموني (583 هـ- 1187 م) وآخرون ترجموا معظم كتبه إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر.
وتمثل أعماله المترجمة الأساس الذي انطلق منه علم الكيمياء الحديث إلى العالم بأسره.
7-ما أشهر مؤلفاته؟
بلغ عدد مؤلفات جابر بن حيان 500 كتاب حسب بعض المصادر لكن أكثرها مفقود. ومن الكتب التي شرح فيها طرقه المبتكرة في إعداد هذه المستحضرات المبتكرة وأهمها كتابي “أسرار الكيمياء” و”أصول الكيمياء”.
و من أشهر مؤلفاته أيضا ما يلي :
-كتاب الخواص الكبير:
وهو عبارة عن مخطوطة ذكر فيها ابن حيان مجموعة من شروحات ومفردات علم الخواص للعناصر والمعادن، ويُراد بكلمة خاصية جميع ما يُميّز ويشمل الأشياء وانقساماتها، وظواهرها، المسموع منها، والذي يمكن شمه أو تذوقه، أو رؤيته أو غيره، وتوجد هذه المخطوطة الأثرية في متحف في بريطانيا.
-كتاب الزهرة: ويتحدث فيه ابن حيان عن فن الخيمياء النبيل (الكيمياء)، وأهدى هذا الكتاب إلى الخليفة العباسي هارون الرشيد.
-كتاب الأحجار: كتب جابر بن حيان هذا الكتاب بشيفرة غامضة وغير مفهومة بوضوح، إذ لا يفهمها إلا أولئك الذين بدأوا في مدرسته للكيمياء.
-كتاب السبعين وهو أشهر كتبه ويشتمل على سبعين مقالا يضم خلاصة ما وصلت إليه الكيمياء عند المسلمين في عصره،
-كتاب السموم ودرء اضرارها هو اشهر مؤلفات جابر ويتكون من خمسة فصول. قسّم السموم فيه إلى سموم حيوانية ونباتية وصخرية. كما ذكر الترياق لهذه السموم ضجسم. يعتبر هذا الكتاب حلقة وصل بين الكيمياء والطب.
-و أيضا الكتب الآتية :
كتاب الكيمياء ، وكتاب الموازين ، وكتاب الزئبق ، وكتاب الخواص ، وكتاب الحدود ، وكتاب كشف الأسرار ، وكتاب خواص أكسير الذهب ، وكتاب السموم ، وكتاب الحديد وغيرها.
وقد ترجمت بعض كتب جابر إلى اللغة اللاتينية في أوائل القرن الثاني عشر،
كما ترجم بعضها من اللاتينية إلى الإنجليزية عام 1678م.
دليل على أنه كان له دور كبير في تطور الكيمياء في أوربا ؟
وظل الأوربيون يعتمدون على كتبه لعدة قرون، وقد كان لها أثر كبير في تطوير الكيمياء الحديثة. وفي هذا يقول المستشرق الألماني ماكس مايرهوف “يمكن إرجاع تطور الكيمياء في أوربا إلى جابر بن حيان بصورة مباشرة”. وأكبر دليل على ذلك أن كثيراً من المصطلحات التي ابتكرها ما زالت مستعملة في مختلف اللغات الأوربية.
مما سبق نجد أنه :كان يتحيّز بشدة ويحذو حذو المنهج التجريبي القائم على البحث والاستقراء والتجربة كما تبناها البحث العلمي الحديث، وأوضح ذلك في العديد من كتبه مُشيرًا لضرورة استنباط العلوم والمعارف ثم شرحها بعد أداء التجربة ورؤية النتائج المُطلقة بعين الباحث، لا بالاعتماد على الأقاويل التي سمعها أو ما قرأه في صحائف القدماء.
فمن أشهر أقواله :
“التجربة محك مُعتمد، لكنها وحدها لا تكفي، إنما تأتي صنعة الكيمياء بالعوامل الثلاث معًا: العلم، والعمل، والتجربة”.